أن للانتباه عدة أشكال يرتبط كلا منها بالاخر وهي توجيه الانتباه ونقل الانتباه واطالة الانتباه والانتباه الانتقائي ولكن هل تختلف هذة الاشكال ومستوياتها عند الطفل التوحدي عن أشكالها ومستوياتها عند الطفل العادي ... هذا ما سنحاول توضيحه ...
* توجيه الانتباه ( Orienting Attention )
يعتبر توجية انتباه أول مستوى في مستويات الانتباه وهو مهارة ضرورية جدا ,
تظهر عند الطفل التوحدي خاصة في المراحل المبكرة صعوبات وقصور في توجيه الانتباه , ولعل اول ما تلاحظه الام وتشتكي منه ان الطفل لا ينتبه لاشياء معينة ويتصرف وكأنه أصم في الوقت الذي يظهر مهارة عالية في توجيه الانتباه الى بعض المثيرات التي تمثل أهمية لهم فالطفل قد لا يستجيب لنداء اسمه او لبعض الاشخاص او الوجوه او الكلام في الوقت الذي يوجه انتباهه الى أشياء لا يلاحظها الناس العاديين فنراه ينتبه بشدة وبتحسس عالي الى صوت خشخشة غلاف شيبسي او حبات الحلوى المفضلة اليه ... اذا فلا يوجد عند الطفل التوحدي مشكلة في توجيه الانتباه بشكل عام ولكن هو يظهر اهتمام بالاشياء التي تهمه لذلك يجب علينا عندما نحاول تدريب الطفل التوحدي ومحاولة جذب انتباهه يجب ان يتم ذلك بقدر المستطاع من خلال ربط المثيرات التعليمية باشياء يحبها الطفل التوحدي ويهتم بها , مع الوضع في الاعتبار ان الطفل التوحدي سيظهر اهتمام اكثر الى الاشياء التي يفضلها أكثر من توجيه اهتمامه نحو الاشخاص والكلمات والمواد التعليمية وان كان الامر يتحسن في المراحل العمرية المتتالية خاصة مع التدريب المكثف ومحاولة تدريب الطفل التوحدي على ان التواصل الاجتماعي له جوانب ممتعة وانها من الممكن ان تكون مصدر للمتعة واللذة ... ويجب عند التدريب على توجيه الانتباه ان نقلل بقدر الامكان من المثيرات ومحاولة حصر انتباه الطفل بمثير واحد ويفضل ربطه باشياء يحبها ويفضلها ....
يحتاج الانتباه الى مهارات عديدة ومستويات متدرجة الصعوبة فتوجيه الانتباه لمثير ما يعتبر الخطوة الاولى والضرورية في عملية الانتباه ولكن توجيه الانتباه وحده لا يكفي فأغلب مواقف الحياة تجمع ما بين انواع عدة من المثيرات الحسية (سمعية – بصرية – لمسية – الخ ) وعلى الشخص ان يمتلك القدرة على التنقل بين هذة الانواع والانتباه اليها بشكل متناوب او حتى متزامن حتى يستطيع ان يدرك المعني وراء الموقف وان يتعامل معه وفقا لخبراته وقدراته ...
فالطفل العادي اثناء الموقف التعليمي يقوم بنقل انتباهه بين ما يقوله المعلم وبين ما يوجد على الصبورة او أي وسائل تعليمية بصرية أي ان الطفل يقوم بالتجول بانتباهه بين مثيرات متنوعة فهو ينتقل من مثير صوتي الى مثير بصري في محاولة لادراك المعنى وفهم موضوع الدرس وهذة المهارة في نقل الانتباه بين المثيرات المتنوعة تحدث في جزء من الثانية ... وهنا يأتي السؤال هل الطفل التوحدي يستطيع القيام بهذة المهارة دون عناء ام انه يظهر صعوبة ما في نقل انتباهه بين العديد من المثيرات المتنوعة ؟ ؟
وقبل ان نجيب على السؤال فانه يجب ان نعيد التأكيد على اننا لا نتعمد الصاق القصور بتفكير الطفل التوحدي ولكننا نحاول من خلال نتائج بعض الدراسات ومن خلال ملاحظات اولياء الامور ان نحدد تصور لما عليه الحال ... وان من يجد في ابنه التوحدي او ابنته التوحديه شيء غير الذي تقوله الدراسات في هذة الجزئية فليحمد الله ويحاول ينتقل بابنه الى المستوى الاعلى من ذلك والذي سنتكلم عنه لاحقا بأذن الله تعالى ...
تخبرنا بعض الدراسات بأن الطفل التوحدي قادر على نقل الانتباه بين المثيرات المتنوعة وذلك يتوقف بشكل طردي مع قدرات الطفل ومعدل ذكائه , ولكن هذة القدرة على نقل الانتباه عند الطفل التوحدي تستغرق وقتا أطول بكثير مما يحتاجه الشخص العادي ففي دراسة لكورشسني وزملاؤه 1994 وجد ان الشخص التوحدي يحتاج الى 2.2 ثانية لنقل انتباهه من شكل الى اخر بينما يحتاج الشخص الطبيعي الى أجزاء من الثانية ليفعل ذلك " كتاب سمات التوحد لوفاء الشامي "
لا شك ان هذا الفرق الزمني في نقل النتباه عند الطفل التوحدي سيؤثر على طبيعة انتباه الطفل للمثيرات ومقدراها خاصة في بعض المواقف التي تحتاج الى السرعة في نقل الانتباه والتناوب ما بين المثيرات الحسية Shefting Modality
لذلك يجب ونحن نتعامل مع الطفل التوحدي ان نحاول تجنب هذة المشكلة وان نراعي هذا الفارق الزمني في مهارة نقل الانتباه عند الطفل التوحدي وقد يكون مفيدا ان ننتظر قليلا وان نعطي الطفل وقتا كافيا لنقل انتباهه عند الحاجة الى ذلك فعندما تقدم معلومة ما فقد / فقد لا يستجيب الطفل على الفور ولذلك يكون من المفيد الا تقدم المعلومة بشكل سريع ومتكرر وايضا لا يجب ان نقدم له نفس المعلومة بطرق وتعبيرات والفاظ مختلفة في نفس الموقف التعليمي فيفضل استخدام نفس الصيغة ونفس الكلمات في كل محاولة لانك اذا قدمت المعلومة بطريقة مختلفة في كل مرة في نفس الوقت الذي قد عالج الطفل ما قلته اولا تكون قد اعطيته معلومة اخرى تحتاج الى ترجمه وانتتباه اخر وعليه هنا ان ينتقل بانتباهه الى المعلومة او الكلمات الجديدة وبذلك نضيف الى جهده جهدا اخر فيجب اذا ان نقد المعلومة بشكل منظم مع اعطاء الطفل وقت كافي للتعامل مع المثيرات والانتباه اليها وادراكها ... لذلك كله كان من الاهمية بمكان ان تقف الام او الاخصائي على مقدار الوقت الذي يحتاجه الطفل لنقل انتباهه بين المثيرات المتنوعة .
ويكون من المفيد ايضا ان نحاول تقديم المثيرات او المعلومات من خلال الوسائل البصرية بقدر الامكان ولا يخفى علينا ان الوسائل البصرية تتمتع بالافضلية عند الشخص التوحدي ذلك لانها تبقى قائمة لزمن اطول ولا تختفي مثل المعلومات الصوتية ... اذا فالقاعدة التعليمية هنا " تقديم المعلومة في فترة زمنية اطول نسبيا مع الاستعانة قدر الامكان بالوسائل التعليمية خاصة البصريه