سؤال:
ما حكم وضع الفتاة لصورتها على صفحة الفيس بوك ، خصوصا وأن بعض الأخوات
المحجبات تعتقد أن وضع صور لهن بالحجاب مسألة غير ممنوعة شرعا ، فهل من
توضيح حتى أستطيع نصحهن ؟ و شكرا
الجواب:
الحمد لله:
وضع الفتاة لصورتها على صفحات الفيس بوك أو المنتديات والمواقع الإلكترونية محرم ، وذلك لأمور عدة :
أولا
: أن ذلك مناف للستر الذي أمرت به المرأة في الكتاب والسنة ، فإذا كان
الله عز وجل قال في حق أشرف النساء وأبعدهن عن الريبة وهن نساؤه صلى الله
عليه وسلم : (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ
وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) ، وقال
سبحانه : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ
وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ
ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا
رَحِيمًا) الأحزاب/59 ، ونهى عز وجل المرأة أن تخضع في القول ، فقال تعالى
: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ
اتَّقّيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي
قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) الأحزاب/32 .
فشرع سبحانه
وتعالى على نسائه صلى الله عليه وسلم وعلى نساء المؤمنين عامة الحجاب
تطهيرا لقلوب المؤمنات ورفعة لهن عن مواطن الفتنة والتهمة ، وتحصينا
لفروجهن وفروج عباده المؤمنين ، فإذا عُلم ذلك اتضح أن وضع المرأة صورتها
يراها البر والفاجر في مثل هذه المواقع مما ينافي ويعارض شرعه سبحانه
وتعالى .
ثانيا : أن ذلك باب فتنة وشر للمرأة ولمن يشاهدها ، فكم
سمعنا وقرأنا عن قصص مؤلمة بسبب ذلك ، فكم من طاهرة عفيقة وقعت في حبائل من
لا يخافون الله من الفجرة الذين يغرونها بلفظ منمق وكلام معسول ووعود تطول
، حتى إذا قضوا منها حاجتهم قلبوا لها ظهر المجن ، فلم يبق لها من ذلك إلا
الخيبة والحسرة والخسران ، وربما فضيحة الدارين ، والعياذ بالله .
وكم
من فاجر تلاعب بتلك الصور ودبلجها بوسائل حديثة ، فإذا وجه الشريفة يوضع
على جسد فاجرة وبائعة هوى رخيصة ، فحينئذ تعض أصابع الندم بما جنت على
نفسها وأهلها ، ولات ساعة مندم .
ثالثا : ما ذكرت من أن بعض الأخوات
المحجباب تعتقد أن وضع صور لهن بالحجاب غير ممنوع شرعا ، إن كان مرادك
بالحجاب الحجاب الشرعي الساتر للوجه الذي لا يبدو معه وجه المرأة ، فمثل
هذا غير ممنوع شرعا ، خاصة عند الحاجة إليه ؛ لكن هذا – قطعا - غير مراد ،
لأنه غير نافع لصاحبه ، فما قيمة وضع صورة لسواد لا يبدو منه شيء ؟!
وأما
إن كان المراد بذلك وضع صورة المرأة وقد كشفت وجهها ، ولو سترت بدنها كله ؛
فقد بينا لك ما فيه من المفاسد التي تكفي للمنع منه ، حتى ولو لم نقل
بوجوب ستر المرأة لوجهها ؛ فكيف إذا كان ذلك واجبا ؟! إن الإثم هنا يكون
مضاعفا ، والخطر أشد ؛ وهي بهذا تخرق ما اعتاده نساء المؤمنات في عصورهن .
قال
الغزالي رحمه الله في "إحياء علوم الدين" ( 2/53 ) : " لم يزل الرجال على
ممر الأزمان مكشوفي الوجوه ، والنساء يخرجن متنقبات .. " انتهى . ونحوه في
"فتح الباري" ( 9/337) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" ( 9/ 424): " ولم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوههن عن الأجانب " انتهى .
ثم
إن كل ذي لب يعلم أن مجمع الحسن والفتنة في المرأة هو وجهها ، وهو الذي
يستشرف الرجال لمعرفته ، وبه يقاس جمال المرأة من عدمه ، فنشر الصورة على
الوجه المذكور فتح لباب فتنتها والفتنة بها ، وابتذالها وابتذال صورتها ،
حين تكون مباحة لكل طالب وراغب .
والله أعلم